اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 506
الموت وتصيبه المرارة بعدد الأولين والآخرين. قوله تعالى: قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي قال الكلبي:
أي فكما أضللتني. وقال مقاتل: يعني أما إذا أضللتني. وقال بعضهم: فبما أغويتني يعني:
فبما دعوتني إلى شيء غويت به. لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ يعني: لأقعدن لهم على طريقك المستقيم، وهو دين الإسلام فأصدّ الناس عن ذلك. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ روى أسباط عن السدي قال: من بين أيديهم الدنيا أدعوهم إليها وَمِنْ خَلْفِهِمْ الآخرة أشككهم فيها وَعَنْ أَيْمانِهِمْ قال الحق: أشككهم فيه وَعَنْ شَمائِلِهِمْ قال: الباطل أخففه عليهم وأرغبهم فيه.
وقال في رواية الكلبي: ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أيديهم من أمر الآخرة، فأزيّن لهم التكذيب بالبعث بأنه لا جنة ولا نار، ومن خَلْفَهُمْ من أمر الدنيا فأزينها في أعينهم وأرغبهم فيها، فلا يعطون حقاً عن أيمانهم أي: من قبل دينهم فإن كانوا على الضلالة زيّنتها لهم، وإن كانوا على الهدى شبّهته عليهم حتى يشكوا فيه وَعَنْ شَمائِلِهِمْ من قبل اللذات والشهوات. ويقال:
معناه لآتينهم بالإضلال من جميع جهاتهم ويقال: عَنْ أَيْمانِهِمْ فيما أمروا به وَعَنْ شَمائِلِهِمْ فيما نهوا عنه. ويقال: وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ أي: فيما يعملون لأنه يقال عملت بذلك وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ يعني ذرية آدم لا يكونون شاكرين لنعمتك، ويقال شاكرين مؤمنين وقال في آية أخرى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13] وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ [سبأ: 20] قوله: قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً قال الكلبي ومقاتل: يعني اخرج من الجنة مذءوما أي معيباً مدحوراً أي: مطرودا. وقال الزجاج: مذءوما أي مذموماً.
يقال: دأمت الرجل وذممته إذا عبته مدحوراً أي: مبعداً من رحمة الله تعالى. لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أي: مَنْ أطاعك فيما دعوته إليه. واللام زيادة للتأكيد لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ أي: ممن أطاعك منهم من الجن والإنس، ويكون هذا اللفظ بمعنى القسم والتأكيد وأنه يفعل ذلك لا محالة.
قوله تعالى: